وجملة (إِنَّكُمْ) منفصلة عن سابقتها؛ لأنها تعليل لها، ولأن الجملة الأولى طلبية، والثانية خبرية. والفسق هو الخروج، وهم بالحكم عليهم بأنهم فاسقون يكون محكومًا عليهم بأنهم خارجون عن الجماعة بشعورهم، وإن كانوا فيها بأجسامهم، وذلك مع كفرهم، وقد أكد الله سبحانه وتعالى ذلك الحكم بعدة مؤكدات، أولها بالجملة الاسمية، وثانيها بـ (إنَّ) الحرف الدال على التوكيد، وثالثها بـ (كان) الدالة على استمرارهم في الفسق والخروج عن الجماعة وعدم الشعور بشعورها.
ونفى الله تعالى بقوله:(أَن تقْبَلَ مِنْهُمْ) ظاهره أن الله تعالى لن يجازي عليه جزاء القربات يوم القيامة؛ لأنهم لم ينووا بها التقرب، وإنما أرادوا ستر جبنهم ونفاقهم، ليستقيم ادعاؤهم أنهم من المسقمين، وهم غير مؤمنين، وشرط النية المأجورة الأيمان، ولقد قال تعالى عما ينفقه الكافرون:(مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧).
وهل يقبل النبي منهم ما يدفعونه مغرما، إن الأمر في ذلك متروك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد بين سبحانه وتعالى المانع عن قبول صدقاتهم بالتصريح بما طوى في هذه الآية فقال تعالى: