للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون ليس لهم من العطاء إلا ما يكفيهم لأهلهم بالمعروف يأخذونه جزاء احتباسهم وتفرغهم لهذا، ولو كانت لهم أموال، كما تأخذ الزوجة نفقتها من زوجها جزاء احتباسها، ولوكانت ذات مال، وهكذا أجر العامل لمصلحة الكافة، وإن هؤلاء يأخذون من الزكاة، وإن هذا يدل على أمرين:

أولهما - أن الزكاة لَا تترك لأربابها يؤدونها، بل يجمعها ولي أمر المؤمنين أو من يوليه لذلك، وقد كان الأمر كذلك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر وعمر، وفى عهد ذي النورين كان يجمع زكاة الأموال الظاهرة، وهي زكاة النعم والإبل والبقر والغنم، وزكاة الزروع والثمار، وزكاة الأموال التي تنتقل من مصر إلى مصر التي يجمعها العاشر، وأناب ذوي الأموال في أن يؤدوا زكاة الأموال الباطنة، وهي زكاة النقدين " الذهب والفضة "، وعروض التجارة في أن يؤدوا هذه الزكاة، ولو بلغ الأمر أنهم لم يؤدوها، جمعها منهم كما يجمع غيرها.

ثانيهما - أن الزكاة يجب أن تكون لها حصيلة قائمة بذاتها، والقائمون عليها يكونون منفصلين عن بقية العاملين في الدولة، ولذا عندما دونت الدواوين كان هناك ديوان هو ديوان الصدقات، أو كما سمي في كتب الفقه بيت مال الصدقات.

والصنف الرابع: ذكره الله تعالى بقوله: (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) والمعنى اللفظي للنص القرآني السامي الذين تؤلف قلوبهم بأن يقرب الإسلام إلى نفوسهم، بعد أن كانوا ينفرون منه.

وهؤلاء الذين كان فيهم هذا الوصف، كانوا على طوائف مختلفة فمنهم الكبراء الذين يتزعمون قبائل فيعطى لهم من الصدقات، ما يؤلفون به الضعفاء ليقربوا، ويأتلفوا الإسلام ويهجروا الوثنية.

ومنهم من آمن وخلع الوثنية، ودخل في الإسلام ممن قال بلسانه ولم يؤمن قلبه، ومنهم من خضعوا للغلب، وطيبت قلوبهم لكي يؤمنوا، ويعتنقوا الإسلام.

وليس هذا رشوة لهم فقد أخضعوا واتبعوا، ويريد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل منهم مؤمنين بدل أن يكونوا خاضعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>