للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحادد الله ورسوله، فأن لهم جهنم، وكان الإثبات بهذه الطريقة البيانية لتأكيد علمهم وتأكيد شرهم، كأنهم أقدموا على هذا الشر عالمين، ووجه التأكيد في التقرير بهذه الطريقة مؤداه أنه سئل عنهم: يعلمون أم لَا يعلمون، فأجيب عنهم بأنهم يعلمون، فكان في ذلك فضل تأكيد.

وحاده كـ (شاقَّه)، أي جعل بينه وبين الحق حدا، لَا يصل الحق إليه، ولا يحاول هو أن يصل إلى الحق، ومن يكون في جانب، والله تعالى في جانب آخر، كأنه يناوئه ويقاومه، ولقد قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْما يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. . .).

وقوله تعالى: (فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ) فيها قراءتان قراءة حفص بفتح (أن)، وتخريج القول على هذه القراءة أن النار واقعة في جواب الشرط، وأن والمصدر المنسبك منها وما بعدها، فاعل لفعل محذوف تقديره (فقد ثبت أن لهم جهنم خالدين فيها أبدا)، وهناك قراءة بكسر (إن) (١)، وتكون هي وما بعدها جملة مبتدأة، واقعة في جواب الشرط، أو دالة على جواب الشرط، وذلك على تقدير أن الشرط محذوف، ويكون المحذوف تقديره (هالك).

قوله تعالى: (ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ)، أي أنهم إذا كانوا في الدنيا يتسترون بنفاقهم، ويخفون حقيقة أمرهم، فإن ذلك مكشوف يوم القيامة، إذ ينكشف أمرهم ويتبين حالهم، ويكون خزيهم وهم خالدون فيها المنافق دائما حذِر من أن ينكشف أمره، وقد رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ينزل عليه الوحي ويخبره بكشف أمر المنافقين، فكانوا يخشون إذا نزلت سورة أن يكون فيها كشف لأمر من أمورهم، فقال تعالى:

(يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِم سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤)


(١) قراءة (فأن) بالفتح، ليست في العشر المتواترة.

<<  <  ج: ص:  >  >>