للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أشار سبحانه إلى هلاك الكافرين الذين جحدوا بآيات الله تعالى قوما قوما ولم يعذبهم في الدنيا إلا بعد الإنذار الشديد إليهم، كما قال تعالت كلماته: (. . . وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)، وقد بعث الله تعالى الرسل إليهم قبل هلاكهم لكيلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، فقال تعالى: (أَتَتْهُمْ رسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ)، أي أتتهم رسل الله، بعثت إليهم بالبينات أي بالآيات الدالة على صدقهم، وأضيفت الرسل إليهم، وهي رسل الله للإشارة إلى مزيد العناية بهم من حيث إن الرسل جاءت إليهم خاصة، وخاطبتهم بما يهديهم إلى الحق، ومعهم الأدلة الدالة على الرسالة مستقيمة لَا عوج فيها، وبذلك قامت الحجة عليهم، فإن آمنوا فعن بينة، وإن كفروا فعن جحود بعد أن قامت عليهم الحجة.

ولذا قال تعالى: (فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ) اللام في (لِيَظْلِمَهُمْ) لام الجحود، أي تفيد تأكيد النفي في قوله: (فَمَا كَانَ) أي ليس من شأن الله تعالى أن يظلمهم، فقد أقام الحجة عليهم، وقد تأكد بنفي ظلم الله تعالى بما النافية، ولام الجحود، و (كَانَ) الدالة على استمرار النفي، أي أنه ليس من شأن الله ولا من كماله أن يظلمهم، (وَلَكِن كَانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) الاستدراك من عموم النفي، وإثبات ظلمهم لأنفسهم، وتقديم أنفسهم على يظلمون يفيد تأكيد ظلمهم لأنفسهم، وفيه ما يفيد أن ظلمهم يعود إلى أنفسهم، فلا يظلمون إلا أنفسهم، والله سبحانه وتعالى لَا يمكن أن يظلمهم.

وبعد أن بين الله تعالى مآل المنافقين والكافرين الذي أدت إليه أعمالهم، قال في أعمال المؤمنين وثوابهم:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>