للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العظيم، فزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، وإن الإحساس بالرضا من الله رب الخلق، وخالق الخلق سعادة لَا تعدلها سعادة، ولقد قال في ذلك الزمخشري كلمة قيمة ننقلها. " وشيء من رضوان الله تعالى أكبر من ذلك كله؛ لأن رضاه تعالى هو سبب كل فوز وسعادة، ولأنهم ينالون برضاه عنهم تعظيمه وكرامته، والكرامة أكبر أصناف الثواب، ولأن العبد إذا علم أن مولاه راض كان ذلك أكبر في نفسه مما وراءه من النعيم، وإنما تتهيأ له برضاه، كما إذا علم بسخطته، تنغصت عليه، ولم يجد لها لذة، وإن عظمت، وسمعت بعض أولى الهمة البعيدة والنفس الحرة من مشايخنا يقول: لَا تطمع عيني، ولا تنازع نفسي إلى شيء مما وعد الله في دار الكرامة كما تطمع وتنازع إلى رضاه عني، وأن أحشر في زمرة المهديين " اهـ.

ونرى أنه يفهم من قول الزمخشري أن قوله تعالى: (وَرِضْوَانٌ منَ اللَّهِ أَكْبَرُ) أن معناه شيء من رضوان الله أكبر، أي أن أول شيء من رضوان الله تعالى أعظم من كل هذا النعيم.

ويقول سبحانه: (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) والإشارة هنا إلى نعيم أهل الجنة، وتاجه رضوان الله تعالى، هو الفوز والفلاح، والحصول على أعظم جزاء، ويصح أن تكون الإشارة إلى رضوان أكبر؛ فإن ذلك الرضا العظيم جزاء لَا يُنَاهد، والعبارة تدل على القصر بتعريف الطرفين وضمير الفصل (هُوَ)، أي لَا فوز غير هذا، والله أعلم.

* * *

الجهاد ماض إلى يوم القيامة

قال تعالى:

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>