للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول سبحانه: (عَلَيْهِمْ دَائِرَة السَّوْءِ) أي أنه ينزل عليهم نكبة السوء، وهنا في (السوء) قراءتان، إحداهما بضم السين (١)، وهي المصدر بمعنى ما يسوءهم، فالدائرة نازلة ومقبلة، ولكنها ليست على المؤمنين بل على المنافقين من الأعراب، ولذلك هزمهم الصديق وخضد شوكتهم، وتقرأ السين في القراءة الثانية بالفتح (٢)، والسوء: الضرر والفساد وكل قراءة من القراءتين قرآن متواتر.

وبجمعها يكون المعنى أنه يصيبهم نكبة تفجعهم وتسوءهم، وعاقبته مضرة شديدة عليهم أن يشرد جمعهم ويتفرق أمرهم وتسبى نساؤهم ثم يعتقن، وأن يقتل رجالهم وينهزموا.

ثم ختم الله تعالى الآية ببيان أن ما ينوون وما يتربصونه يعلمه الله تعالى ويدبر الأمور على غير ما يريدون، بل على ما يريد الحق جل جلاله، ولذا قال تعالى: (وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) صدَّر الجملة السامية بلفظ الجلالة، لتربية المهابة في نفوس القارئين والمستمعين، وملء القلوب برقابة الله تعالى، لأنه (سَمِيعٌ) يسمع ما تحدث به النفوس، وما تهمس به الأفئدة (عَلِيمٌ) بكل شيء، يدبر الأمر على مقتضى علمه، وقد أحاط بكل شيء علما.

وأن الله يعلمنا الإنصاف في الأقوال والأفعال، ولله المثل الأعلى، فيذكر تعالت كلماته بجوار المنافقين من الأعراب الأبرار فيقول عز من قائل:


(١) قراءة (السوء) بضم السين والمد، قراءة ابن كثير وأبو عمر، وقرأ الباقون (السَّوء). غاية الاختصار (٩٦٤).
(٢) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>