للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن في قوله تعالى: (مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ) بيانية، أي هم المهاجرون والأنصار.

وهناك قراءة من غير الواو (١)، ويكون من تبعوهم بيان لفضل الأنصار وتكون بدلا أو عطف بيان، أي أن المهاجرين سبقوا وتلقوا الأذى والبلاء، والأنصار نصروهم واتبعوهم بإحسان أي اتبعوهم بإتقان وإجادة، ورضا وتقبل بقبول حسن، ولقد ذكر الله تعالى مناقب المهاجرين والأنصار وجزاءهم.

فذكر الجزاء الأعلى وهو رضاهم بالله وليا ونصيرا، ورضا الله تعالى عنهم أحباء لله تعالى، فقال: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ورضوان الله تعالى أكبر جزاء على الطاعات، فقد ذكر الله تعالى الجزاء من جنات ونعيم مقيم، ثم قال: (. . . وَرِضْوَان مِّنَ اللَّهِ أَكْبَر. . .) وقد قدمه تعالى على كل جزاء من بعده، فالإحساس برضا الله أعلى درجات الجزاء، ووصفهم الله بأنهم رضوا عنه، رضوا بتكليفاته، وتقبلوها بقبول حسن، وقاموا بحق طاعته، وأحبوا الله لَا خوفا من ناره، ولا طمعا في جنته، بل لكمال محبته، وتلك هي المنزلة العليا في العباد، لا يعبده سبحانه خوفا ولا طمعا، ولكن محبة، وسعادة بعبادته.

ومع هذه المرتبة العليا من المكانة التي لَا تعلوها مكانة، ولا ينهد إلى مثلها جزاء (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).

في هذا النص السامي قراءتان متلاقيتان في المعنى، ففي المصحف المكي زيادة " من " وفي غيره خلو منها (٢)، وفي الجنات الثمار الطيبات وتعدد الجنات لتعدد ثمارها، ففيها فاكهة ونخل ورمان، وغيرهما مما لَا عين رأت ولا أذن


(١) قراءة: (الذين) بغير الواو، ليست في العشر المتواترة.
(٢) (تجري من تحتها)، بإثبات (من) قراءة ابن كثير، وكذلك رسم هذا الحرف في مصحف أهل مكة، وقرأ الباقون (تجري تحتها)، وكذلك رسمها في بقية المصاحف، انظر المقنع - ص ١٠٤، السبعة - ص ٣١٧، والنشر - / ١٨٠٢. غاية الاختصار - برقم (٩٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>