للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و (مِنْ) في قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) للتبعيض أي خذ بعض أموالهم، وليس من المستحسن أن يأخذ كل المال، بل يبقي لأهله ما يكفيهم بالمعروف، والآثار الصحاح قد وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان لَا يستحسن الأكثر من الثلث، فقد قال سعد بن بن أبي وقاص عندما استأذنه في الوصية قال - صلى الله عليه وسلم - " الثلث، والثلث كثير، إنك إن تدع أولادك أغنياء خير من أن تدعهم فقراء يتكففون الناس ".

ومع هذه الصدقة التي أمره الله تعالى أن يأخذها منهم أمره سبحانه بأن يصلي عليهم، فقال تعالى: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ) الصلاة هنا بمعنى الدعاء والاستغفار، والتعدية بـ (على) للإشارة إلى أنها سابقة لهم فائضة بالخير عليهم نازلة بالبركات عليهم، وقد ذكر الله سبحانه الغاية الواضحة من الصلاة وهي أنها (سَكَنٌ لهمْ)، والسكن معناه الاطمئنان وقرار النفس، وذلك الاطمئنان يكون بردا وسلاما عليهم؛ لأنهم كانوا شاعرين بعظم جرمهم فيتوهمون بفرط إحساسهم وإيمانهم بأن ذنبهم غير مغتفر، فصلاته - صلى الله عليه وسلم - اطمئنان لهم، وقرار لنفوسهم، ثم ختم الله تعالى الآية بقوله عز من قائل: (وَاللَّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي سمع اعترافهم المطهر لنفوسهم وندمهم على تخلفهم عليم بضمائرهم الطاهرة التي زادها الاعتراف طهارة، واستحقوا تزكية النبي - صلى الله عليه وسلم -.

* * *

الله يقبل التوبة عن عباده

قال تعالى:

(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>