للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في شتى صوره، وقال تعالى (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ) و " ما " هنا من أسماء الشرط، وفعله تقدموا، وجوابه تجدوه عند الله، والنص الكريم حث على فعل الخير وبيان جزائه؛ لأن جزاءه يجده عند الله تعالى وما يجده عند الله أوفى مما قدَّم، وأكثر مما فعل، وقال تعالى: (وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ) ونلاحظ ثلاثة أمور في كل واحدة إشارة بيانية، وحكمة ربانية.

الإشارة الأولى - أن الله تعالى عبر عنِ فعل الخير سواء أكان لنفسه أم كان للجماعة بقوله: (وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ) لأن فعل الخير للجماعة فعل لنفسه، والخير يعود على فاعله ابتداء، ويعود على الجماعة انتهاء، فمن تصدق فإنما يتصدق لنفسه؛ لأن الفائدة إليه إذ يعيش في مجتمع متكافل غير متدابر، ولتطيب بفعله القلوب وتسود المحبة الكامنة، وكذلك كل فعل خير يكون لنفسه، وهو يقدمه لنفسه أو يكون له ثوابه.

الإشارة الثانية - أنه يجد العمل قائما ثابتًا عند الله، فيكون مهيأ حاضرًا يراه ويعاينه، وذلك كناية عن جزائه الذي لاينقص عنه، بل قد يزيد عليه رحمة من الله تعالى، ويراه عند الله محفوظا لَا يضيع.

الإشارة الثالثة - تذييل الآية الكريمة بما يفيد علم الله تعالى بقوله تعالت كلماته: (إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وهذه الجملة السامية تفيد علم الله الذي لا تخفى عليه خافية، فلا يضيع عمل عامل منكم، وقد أكد سبحانه وتعالى إحاطة علمه بما يظهر وما يخفى مؤكدات ثلاث:

أولها - إحاطته وسموا ذلك بالتعبير بـ " ما " الدالة على العموم، فإنها بمعنى الذي، وهي تدل على العموم الشامل.

ثانيها - بالجملة الاسمية وتأكيد الجملة بأن وتقديم الجار والمجرور على بصير، والتقديم دال على التخصيص.

وثالثها - التعبير عن العلم بالبصير؛ فمعناه علم كأنه مبصور بالبصر، يعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>