وبينها إلا يوم أو بعض يوم نزل عليه جبريل يخبر الرسول بمسجد الضرار، وما قصده بانوه، من الضرار والإمعان في الكفر، والإرصاد لمن حارب الله ورسوله والمؤمنين، فأرسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من هدمه قبل مقدمه المدينة، لقد أعدوا في المسجد سلاحا، وعتادا ليعاونوا الرومان المقبلين.
ومع وضوح أمرهم عادوا إلى كذبهم وتوثيق الكذب بالأيمان المغلظة أنهم ما أرادوا إلا الخصلة الحسنى، فقد كانوا عند بنائه مخفين مقصدهم الخبيث، ومكرهم السيئ، فقد قالوا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عندا ابتدائهم فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة، والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه.
لقد قالوا ما قالوا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يخفون مكرهم السيئ، ولكنهم نسوا أن الله تعالى كاشف أمرهم فيبين الله تعالى خفي أمرهم، وما أسرّوه، ولم يعلنوه.
جاء في الكشاف ما نصه:" لما قفل رسول الله تعالى من غزوة تبوك سألوه إتيان المسجد فنزلت هذه الآية عليه. فدعا مالك بن الدخشم ومعن بن عدي، وعامر بن السكن، ووحشيا قاتل حمزة، فقال لهم: " انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه، واحرقوه " (١)، ففعلوا، وأمر أن يتخذ مكانه كناسة تلقى فيها الجيف، والقمامة، ومات أبو عامر بقنسرين ".
لقد حلفوا موثقين يمينهم، وقال تعالى في حلفهم:(وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى) وقد أكدوا حلفهم باللام الموطئة للقسم، وبنون التوكيد الثقيلة، والمقسم عليه (إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْخسْنَى) و (إن) هنا نافية، أي ما أردنا إلا الخصلة الحسنى، أو الفعلة الحسنى، وحصروا إرادتهم في إرادة ما هو حسن في ذاته، وغايته، وقد