للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآية الكريمة تومئ إلى أنه كان بمقتضى ما تتضمنه الآية السابقة من معاني يكون نصراؤه منهم، وناشرو دعوة اللَّه إلى الحق منهم، بل إنه كان يرجى منهم حتى بمقتضى عادة العرب أن يؤيدوه، ولا يخذلوه. ولكنهم إن خذلوه، فاللَّه معه، وهو كافيه عن الحاجة إلى غيره، ولذا قال سبحانه: (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ)، أي توكلت عليه وحده، لَا أعتمد على أحد غيره سبحانه وتعالى، وتقديم الجار والمجرور (عليه) على الفعل (توكلت) يفيد القصر، أي أنه لَا يتوكل أحد من العباد، ما دام اللَّه تعالى كافله وعاصمه من الناس، كما قال تعالى: (. . . وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِن النَّاسِ. . .).

وقد وصف اللَّه سبحانه وتعالى ما يدل على سعة سلطانه، وعزة من يعتمد عليه، فقال تعالت كلماته: (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) الضمير يعود على لفظ الجلالة، ورب معناها مالك، والعرش هنا تفسره بالسلطان، أو ما يشبه كرسي الملك، والمعنى: واللَّه هو مالك السلطان الكامل في هذا الوجود، يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعلي من يشاء ويخفض من يشاء، وهو الحكيم الخبير، فمن يلتجئ إلى اللَّه فقد التجأ إلى من يدفع كل شر، وكل سوء، ومن يعلي الحق.

وقوله: (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم)، في (العظيم) قراءتان: إحداهما بضم الميم، في العظيم، والثانية - بكسرها - فالقراءة بالضم تكون وصفا لرب العرش، أي تكون وصفا لله، وهو العظيم الذي لَا يقدر قدره؛ لأنه فوق التقدير، وعلى قراءة الكسر تكون وصفا للعرش، وهو يثبت أن سلطان اللَّه تعالى عظيم، والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>