أولهما أن المعجزة الكبرى (القرآن) هي من عند اللَّه اختارها لكم في غيبه المكنون، وأنه أمهلكم لَا ينزل عليكم الآيات المهلكة لحكمة يعلمها؛ لأن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - تخاطب الأجيال كلها، وعسى أن يخرج من أصلابكم من يعبد اللَّه.
ثانيهما: أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - لَا يعلم الغيب، وهو بشر مثلكم بعث فيكم رسولا منكم، ولذا يقول سبحانه:(فَانتَظِروا إِنِّي مَعَكم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ).
" الفاء " للدلالة على أن ما بعدها مترتب على ما قبلها؛ لأنه إذا كان علم الغيب عند اللَّه تعالى وحده فإنه - صلى الله عليه وسلم - عليه انتظار ما غيب عنهم.
كما أن قوله هذا سبحانه وتعالى يومئ إلى المساواة بينهم وبين رسوله - صلى الله عليه وسلم - في علم الغيب، وأكد هذه المعية إدماجه - صلى الله عليه وسلم - في المنتظرين وأنه معهم.
ليس في ذلك تصغير لمقام النبوة، ولكنه بيان لمنزلة النبي البشر، وتأكيد بأنه يتكلم عن اللَّه سبحانه.
ثم يبين سبحانه الطبيعة الإنسانية التي تخرج عن الفطرة، تمسها الضراء فتهن، وتذوق النعماء فتبطر، وينسيها الترف ما كان في ضرائها. يقول تعالى: