للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر سبحانه دلائل صدقه من أمور أربعة:

الأمر الأول - أنه تصديق الذي بين يديه في الكتب السابقة الصادقة، وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ أو يكتب ونشأ في قوم أميين لَا يعرفون علم الكتابة ولم يختلط - صلى الله عليه وسلم - بأحد من أهل الكتاب، أو يلتق بأحد من الأحبار والرهبان إلا مرتين، واحدة وهو غلام في الثانية عشرة، والأخرى وهو في الخامسة والعشرين وكلتاهما كان فيهما عابر سبيل، وأن التوافق بين ما جاء بالقرآن وما جاء بالكتب السابقة دليل على أنه ليس افتراء بل هو من عند اللَّه سبحانه وتعالى، والاستدراك معناه الانتقال من نفي الافتراء إلى الإيجاب بذكر الدليلِ الخارجي من نفس ما سبقه من كتب، وفي التعبير بكلمات: (تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْن يَدَيْهِ) إشارة إلى أنه شاهد لها بالصدق، وإن كان التوافق دليل على أنه ليس به افتراء وهو مشتمل مع ذلك في ذاته على الإعجاز، فالكتب ليست معجزة بذاتها، ولكن اقترن بها ما يدل على صدق الرسل من بينات شاهدة: كعصا موسى وغيرها، وكإبراء الأكمة والأبرص، وإحياء الموتى بإذن اللَّه ونزول المائدة بأمر اللَّه تعالى.

الأمر الثاني - مما اشتمل عليه القرآن الكريم أنه " تفصيل الكتاب " أي بيان ما كتبه اللَّه تعالى على خلقه من فرائض ونظم وأحكام فيها صلاح العباد في الدنيا والآخرة من صلاح معاشهم وتنظيم حياتهم وتكوين مجتمع فاضل يكون الخير فيه شائعا ظاهرا، وتكون الرذيلة مختفية مغمورة.

الأمر الثالث - من دلائل صدقه - أنه لَا ريب فيه لمن تدبر وتأمل، فهو ثابت بذاته وبما اشتمل عليه من تصديق ما بين يديه في الكتب وتفصيل الأحكام والشرائع فلا مجال للريب، كقوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدى لِّلْمُتَّقِينَ).

الأمر الرابع - أنه من رب العالمين الذي كون العالمين وربَّاهم ودبر أمورهم وأقام الحق والعدل فيهم، وذلك كله في القرآن الحكيم الذي لَا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>