للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم جاء أمر اللَّه فجعل عاليها سافلها، وأمطر اللَّه تعالى عليهم حجارة من سجيل منضود أي متتابع مصفوف، (مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ. . .) أي معلمة عنده سبحانه، وما هي من الظالمين ببعيد.

جاء بعد ذلك خبر اللَّه تعالى عن شعيب عليه السلام وقومه " مدين " فقال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥).

وقد بيَّن لهم أن البيع الحلال خير وأبقى وأبرك، فأجابوه كما أجاب مشركو مكة كما جاء في قوله تعالى: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧). قالوا الجزء الأخير متهكمين والجزء الأول منكرين مستغربين، وهذا ما أجاب به مشركو العرب.

لكن شعيبا عالج نفوسهم المتمردة على الحق فذكر لهم أنه يطيع اللَّه فيما يدعو إليه، وأنه لَا يدعوهم إلى أمر ويخالفه (. . . وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨).

وقد طلب إليهم أن يستغفروا ربهم ويتوبوا إليه بعد أن يقلعوا عن عبادة الأوثان، لكنهم انتقلوا من الإنكار إلى التهديد بعد تحذيرهم أن يصيبهم ما أصاب من كانوا قبلهم: (. . . وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ).

(قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (٩١)، وهكذا كان يقول مشركو قريش لمحمد - صلى الله عليه وسلم - كما أنهم هموا بقتله لولا خوفهم من بني هاشم. ثم يقول لهم شعيب عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>