ثم بين أن ما يدعوهم إليه هو الخير الذي فيه صلاحهم في دنياهم وآخرتهم وإصلاح نفوسهم وجماعتهم، فقال:(إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ)" إن " هنا هي النافية أي ما أريد إلا إصلاحكم في نفوسكم على قدر استطاعتي (مَا اسْتَطَعْتُ)، و (ما) هنا شرطية، أريد الإصلاح إذا استطعته، وما دمت أستطيعه، أو مصدرية منسبكة مع ما بعدها في مصدر أي: إني أريد الإصلاح استطاعتي (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ)، أي اللَّه وحده هو الذي يوصلني إلى الغاية، ويحققها (علَيْهِ تَوَكَّلْتُ) أي توكلت عليه وحده، ولا أتوكل وأعتمد إلا عليه، (وَإلَيْهِ أُنيبُ) أي إليه وحده أرجع، وهو الذي يجزيني على الخير، وفي هذه العبارات الثلاث، تأكيد إرادة إصلاح النفس والجماعة، وتأكيد الاعتماد على اللَّه في النتائج، وتأكيد الرجوع إليه سبحانه.
وقد رأى نبي اللَّه شعيب أنهم شاقوه وصاروا في جانب، وهو في جانب، فقدر أن هذه المجانبة إلى العصيان، وأن يصيبهم نتيجة شقاقهم أن ينزل بهم من العذاب ما نزل بقوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، ولوط، ولذا قال شفيقا عليهم رفيقا بهم،