للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الليل والزلف الساعات المتقاربة، وفسرها النبي بأنها المغرب والعشاء، وسميت زلفما من الليل، لأن ساعاتهما متقاربة، فما بين المغرب والعشاء متقارب إلى حد اختلاط زمنهما، والاختلاف في حد ما بينهما، وهما بإجماع العلماء صلاة العشي.

وإن تعيين الآيات تقارب أو يتعين اتحادها فى هذه الآية، وآية الروم، ولا شك أن إقامة الصلوات الخمس مستوفيات أركانها الظاهرة والباطنة، والاستمرار عليها يطهر النفس من أرجاسها، ويمحو تلك المعاصي التي يغبر بها القلب، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم: " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر " (١).

وذكر شرط اجتناب الكبائر؛ لأنه لَا يمكن أداء هذه العبادات على وجهها، مجتمعا مع الكبائر قط، إذ لَا يجتمع في قلب مؤمن عبادة أديت على وجهها، وارتكاب كبيرة، ولقد أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لا يزنى الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " (٢).

ولذا قال تعالى بعد الأمر بإقامة الصلاة في وقتها: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) لأن الحسنات نور يدخل القلب فيزيل غمته، وهي طهارة ترحض ما في النفس من أدران الشر، وأخباثه.

ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار " (٣).

وإن الصلوات الخمس - إن أقيمت على وجهها - أشد العبادات محاربة للمعاصي، ولذا قال تعالى: ر (. . . إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)، وإن توزيعها في أوقاتها جلاء


(١) في واه مسلم - الطهارة - الصلوات الخمس - والجمعة إلى الجمعة (٢٣٣) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه ".
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>