للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منشئي والمنعم عليَّ بالوجود والإنسانية والمسرة في الشدة، والنجاة من كل ألم بفضلك وعنايتك.

(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ)، (قَدْ) هنا للتحقيق، وقال: (مِنَ الْمُلْكِ) ولم يقل الملك، لأن الملك كله لمالك الملك ذي الجلال والإكرام، والطول والإنعام، فما يملك الحاكمون ليس إلا ذرة من ملكه سبحانه، وهو ليس من جنسه، بل من جنس آخر، وهو ما يكون للعبيد في هذه ومتاعها، وهو قليل بجوار متاع الآخرة.

(وعَلَّمتَنِي من تَأْوِيلِ الأَحَاديث)، أي من معرفة مآل الأحاديث سواء أكانت رؤيا في المنام أم كانت أحاديث الناس فمعرفة أحاديث الناس، شعوبا ودولا وجماعات، من علم سياسة الدولة، وكيف يُدبَّر أمرها، وقال عليه السلام:، (مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ)، أي علمه بعضها، لَا كلها، وفوق كل ذي علم عليم، فما علم كل سياسة الحكم، ومعاملة الناس، وما علم كل تأويل الرؤى، ولكن علم بعضه، وذلك من تواضع العلماء، أمام العلم العام.

ثم نادى ربه بأنه خالق الكون كله وانتقل من نعمته عليه إلى نعمته على الكون كله، فقال: (فَاطِرَ السًمَوَاتِ وَالأَرْضِ)، أي مبدعهما على غير مثال مسبق فهو بديع السماوات والأرض.

ثم أعطاه الولاية كلها، أو اعترف بالولاية كلها، فقال: (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)، أي أنت ناصري ومتولي أمرى في الدنيا والآخرة، توليتني

بحمايتك ورحمتك في الدنيا، فتولني بها في الآخرة، ثم قال ضارعا لربه، (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)، توفني إليك مخلصا الدين لك أنت وحدك، واجعلني في الصالحين من الصديقين والشهداء ومن ارتضيتهم يا رب العالمين.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>