للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في معنى هذه الآية: يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيئ غيرهم، وعن الحسن البصري: إذا حرموا أعطوا، وإذا ظلموا عفوا، وإذا قُطعوا وصلوا.

وجملة هذه المعاني تتجه إلى نشر التسامح، ومنع مبادلة السوء بالسوء حتى لا يؤدي ذلك إلى التقاطع والتدابر، وأن يكون بأس المسلمين بينهم شديدا، وهذا هو ما أمر اللَّه تعالى به منعا للعداوة، فقد قال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤).

هذا معنى سليم مستقيم، ويصح أن نقول: إن معنى قوله تعالى:

(وَيَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)، أن الإكثار من الحسنات يدفع السيئات، ذلك أن.

الحسنات طهارة للنفس، والطهارة تزيل أخباث النفس، كما قال تعالى: (. . . إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ. . .) فإن السيئات تخط في القلب خطوطا، والحسنات تزيلها، أو تذهب بنكتها السوداء، ويصح أن يراد المعنيان. ولقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن الحسنة تمحو السيئة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " وأتبع السيئة الحسنة تمحها " (١).

وقد بين اللَّه تعالى جزاء المؤمنين الذين اتصفوا بهذه الصفات السامية المطهرة للنفوس وللجماعات، وهي تدل على أن هذه الصفات هي سبب الجزاء العظيم، (أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) وعقبى الدار (الجنة)، ولذا بينها سبحانه وتعالى بقوله:

(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)


(١) رواه الترمذي: البر والصلة - ما جاء في معاشرة النساء (١٩١٠)، كما أخرجه أحمد في مسند الأنصار (٢٠٣٩٢)، والدارمى: الرقاق (٢٦٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>