للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تحسس وتجسس وسعاية ثانيا، وما يجري وراءه من نفاق ثالثا: وإذا جاء النفاق عمَّ الفساد. ولقد قال أبو العالية: " ست صفات في المنافقين، إذا كانت الظهرة (أي السيطرة) على الناس أظهروا هذه الخصال: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا ائتمنوا خانوا، ونقضوا عهد اللَّه بعد ميثاقه، وقطعوا ما أمر اللَّه به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض، وإذا كانت الظهرة عليهم أظهروا ثلاث خصال: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا ائتمنوا خانوا ".

وإن النفاق دائما وليد الاستبداد الغاشم، والظلم الطاغي، وقد رأينا وشاهدنا.

وقد بين اللَّه سبحانه الجزاء الأوفى للذين لايؤمنون، فقال تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) اللعنة هي الطرد، وقد ذكرت غير مقيدة، فإنها في الدنيا أو الآخرة، أما لعنتهم في الدنيا فالمقت الشديد والبغض والكراهية، وسوء الأحدوثة، واقتران حياتهم بالخوف من الناس، والاضطراب النفسي حتى يموتوا بغيظهم، وسوء الحديث عنهم تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل. ويقال فيهم ما قاله الشاعر البطل محمود سامي البارودى:

زالوا فما بكت الدنيا لطلعتهم ... ولا تعطلت الأعياد والجمع

واللعنة في الآخرة: الطرد من رحمة اللَّه ورضوانه، فلا ينظر إليهم ولا يكلمهم اللَّه ولا يزكيهم (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) والدار هي الآخرة وسوءها جهنم وبئس المهاد.

وإن المشركين كانوا يغترون بمالهم ونفوذهم، والمؤمنون كانوا في أكثرهم فقرا وضعفا وكانوا يعقدون ملازمة بين رضا اللَّه والفقر، فمن كان غنيا فهو موضع رضا اللَّه، ومن كان فقيرا ضعيفا فهو موضع مقت اللَّه تعالى، فازدادوا بذلك كفرا وطغيانا، فبين اللَّه سبحانه أنه لَا ارتباط بين الغنى والإيمان، ولا بين الضعف والكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>