للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترى من عذاب هو عذاب الهول الأكبر، فلا ترجع إليهم، أي لَا تعود إلى سيطرتهم فترى ما يجب أن تراه وتمتنع عن رؤية ما لَا يجب أن تراه، فهي قد ملكتها تلك المرئية المفزعة ولم يعد له عليها من سلطان.

والحال الخامسة: أن أفئدتهم فرغت من أسباب الاطمئنان، وامتلأت بأسباب الهموم والخوف، وقد عبر سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله تعالت كلماته:

(وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ)، أي لَا تدرك شيئا ولا تعيه من شدة الخوف والهلع، فهو كقوله تعالى: (وَأَصْبَحَ فؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا. . .)، أي أنه فرغ من الوعي والإدراك ولم يبق إلا موسى والخوف عليه، والهواء في اللغة المجوف الخالي، والمعنى أصبح فؤادهم مجوفا خاليا من العلم والإدراك لشدة ما رأى وما وقع، ومن هذا المعنى قول حسان شاعر الإسلام من أبي سفيان قائد الشرك آن ذاك:

ألا أبلغ أبا سفيان عني ... فأنت مجوَّف نخِبٌ هواء

وهذه الأحوال تصوير لحالهم يوم القيامة من فزع وذل وانكسار، وامتلاء قلوبهم بالخوف والرهبة، وإنها من آيات الإعجاز، وكل القرآن إعجاز يبهر المدركين.

ولقد أمر اللَّه تعالى نبيه أن ينذر الناس بهذا اليوم الذي ذكر فزع الناس فيه فقال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>