وأن أملهم المادي المتجدد آنًا بعد آنٍ، والذي يزيد وقتا بعد وقت - يلهيهم عن الحقيقة، ولعلهم لَا يفكرون في غاية إلا ما توحي بهم آمالهم العريضة في جاه يريدونه أو سلطان يبتغونه، أو مال يحبونه، أو أي شهوة عاجلة أو مؤجلة يرونها، ويجمع ذلك قوله تعالى:(وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ).
ولقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما روى البزار في مسنده:" أربعة من الشقاء: جمود العين، وقساوة القلب، وطول الأمل، والحرص على الدنيا ".
وقوله:(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(الفاء) لجان أن ما قبلها سبب لما بعدها، و (سوف يعلمون) تهديد بسوء العاقبة لسوء ما يفعلون، وطيبات المآرب واللذات الدنيوية على نفوسهم، و (سوف) لتأكيد وقوع ما يفعلون ونذيره، والجملة السامية تدل على أن حالتهم توجب اليأس من إيمانهم، وقد قال الزمخشري: " فسوف يعلمون سوء صنيعهم، والغرض الإيذان بأنهم من أهل الخذلان، وأنهم لَا يجيء منهم إلا ما هم فيه، وأنه لَا زاجر ولا واعظ إلا معاينة ما يُنذَرون به حين لا ينفعهم الوعظ، ولا سبيل إلى اتعاظهم قبل ذلك، فأمر رسول اللَّه تعالى بأن يخليهم وشأنهم، ولا ينشغل بما لَا طائل تحته، وأن يبالغ في تخليهم بما لَا يزيدهم إلا ندما في العاقبة، وفيه إلزام للحجة، ومبالغة في الإنذار، وإعذار فيه، وفيه تنبيه على أن إيثار التلذذ والتنعم، وما يؤدي إليه طول الأمل وهذه هي حال أكثر الناس من ليس على من أخلاق المؤمنين، وعن بعضهم التمرغ في الدنيا على أخلاق الهالكين، هذه حال المشركين، وقد ضرب لهم الأمثال وبين العبر بأحوال الماضين فقال تعالى: