للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتأكيده، وكان النفي وكانت المحاجة موجهة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقومه في اتباع القبلة تبعًا له وهم من ورائه وهو إمامهم.

كان النفي وكانت المحاجة موجهة للنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنهم كانوا يحاجون النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو عليه الصلاة والسلام الذي يمكنه أن يأتي لهم بكل آية، ولقد روى إن اليهود عندما تحولت القبلة أصابهم غم شديد بمقدار ما كان قد أصابهم من فرح عندما كانت القبلة متجهة شطر بيت المقدس، وقد كانوا يقولون: لو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن يكوِن صاحبنا الذي ننتظره وكان ذلك تغريرًا وخداعا، (وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهمْ وَمَا يشْعُرونَ).

وإنه في الواقع أن أهل الكتاب ليست لهم قبلة واحدة، فاليهود لهم قبلتهم إلى الصخرة كما سارت عليه تقاليدهم، والنصارى كانت قبلتهم إلى المشرق حيثما كانوا كما روته التقاليد، لَا كما جاءت به نصوص عندهم، ولقد عبر القرآن بإفراد القبلة دون جمعها مع تعددها؛ لإثبات أنها كلها باطلة في أصلها، لانتهاء دياناتهم، وبطلان ما هم عليه، بما فيها قبلتهم.

ولقد قال تعالى في اختلاف قبلتهم: (وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) أي ليس اليهود قابلين لأن يتبعوا قبلة النصارى إلى المشرق حيثما كانوا، كأنهم يعبدون الشمس في شروقها في مطلعها، وليس النصارى بمختارين قبلة اليهود قبلة لهمْ، فكلا الفريقين يتعصب لقبلته، ويعاند الآخر، ويستكبر عن اتباع قبلته، فهم في عناد مستمر، وكلاهما يتبع هواه، ولا يتبع نصا جاء به دينه، فليس في التوراة نص على قبلة معينة حتى يكون ما هم عليه اتباعا لنص، وكذلك النصارى ليس في الإنجيل نص على قبلة، وإنهم بعد نزول القرآن وبيان القبلة يتمسكون بأهوائهم في التعصب والعناد؛ ولذا قال تعالى: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ).

أي لئن اتبعت ما يدعون إليه، وليس له مصدر ديني عندهم، وهو يخالف ما جاءك من العلم الحق في أمر القبلة وغيرها فقد اتبعت الهوى، والأهواء جمع هوى، وهو ما يبتدعونه على حسب هواهم، إذ اتخذوا إلههم هواهم، ومن اتبع

<<  <  ج: ص:  >  >>