السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) وإن هذا الكلام فيه استعارة تمثيلية إذ شبه اللَّه تعالى حالهم بحال من بنوا صرحًا وشيدوه، وأقاموا قواعده على عمد وأسطوانات، وأحكموا بنيانه حاسبين أنه يبقى على مدى الأزمان، ولكن أتى اللَّه تعالى بنيانهم بأمره من قواعدها، فتداعت وانهارت فصارت هباءً منبثًا، فخر عليهم السقف من فوقهم، وماتوا تحت أنقاضه، وبذلك كان ما بنوه للحياة ومتعها، وتدبير الأمور للحق صار عليهم وبالا، وسببا لهلاكهم وأتاهم العذاب به؛ ولذا قال تعالى:(وَأَتَاهُم الْعَذَابُ مِنْ حيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)، أي أتاهم من المكان الذي يشعرون أن فيه مأمنهم فكان فيه مهلكهم وفناؤهم.
وهذا يذكر المشركين في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن ما يدبرونه ضد النبي - صلى الله عليه وسلم - من تدبير يريدون به إخفاقهم لهم سيكون من عوامل نصره، وإن اللَّه محيط بهم، وبما يدبرون.
وإن هذا عذاب الدنيا للمشركين، وقد تبين في عاد وثمود، ومدين، وفرعون وملئه، ثم يوم القيامة يكون الخزي والجزاء؛ ولذا قال تعالى: