كيف خلق اللَّه الناس، إنما نتعرف ذلك من قوله سبحانه، وهو يدل على أن اللَّه تعالى يخلق الأشياء بإرادته المختارة، فلم تنشأ عنه الأشياء نشوء المعلول عن علته، فذلك وهم تعالى اللَّه عنه سبحانه، ولذا قال سبحانه:(إِنَّمَا قَولُنَا لِشَيْء)، أي حاله وشأنه في قدرته وتكوينه للأشياء (إِذَا أَرَدْنَاهُ)، أي أراده بإرادة حرة مختارة، وأنه فعال لما يريد (أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُون)، أي احدث وكن شيئا مذكورا، فيكون، ومعنى هذا أنه سبحانه وتعالى لَا يصعب عليه شيء في الوجود، فلا يتكلف كائن في الوجود أكثر من قوله كن فيكون، وهذا تصوير لسهولة الخلق عليه تعالت قدرته، وذلك كقوله تعالى:(. . . وَمَا أَمْرُ السَّاعَة اٍلَّا كلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ. . .).
وهذا كله للعاقل المستبصر المدرك، ولقد كانوا يعجبون كيف يعودون. ولقد فنيت أجسام الأموات فقال تعالى مبينا أن شيئا لَا يصعب على إرادته، فقال:(قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (٥١) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (٥٢).