فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ)، والماضي في قوله تعالى:(وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ) يدل على أن البعث في الدنيا بإرسال الرسل مبشرين، ومنذرين، والنبي - صلى الله عليه وسلم - شهيد على كل الرسل، لأن رسالته هي الكاملة، وهي المتضمنة لكل الرسالات الإلهية كلها، فالإسلام دين اللَّه، وهو دين النبيين أجمعين، وهو خاتم الرسالات كلها.
وتدل بهذا الجمع بين الماضي والمستقبل بأن الله تعالى يبعث مع كل أمة يوم القيامة شهيدًا عليها بأنه أدى الرسالة وشهيدا لمن آمن واتقى، وشاهدًا على من كفر وعصى.
وبالنسبة للبعث الدنيوي وشهادة الرسول على الرسل أجمعين ذكر القرآن الكريم الذيِ نزل مصدقا لما بينِ يديه مِن الكتب وشاهدا للرِسل أجمعين قال تعالى:(ونَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانَا لِّكُلِّ شيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ).
وصفه اللَّه تعالى بأربعة أوصاف كاملة.
الوصف الأول - أنه تبيان كل شيء أي فيه بيان كامل لكل شيء من شئون الرسالات الإلهية للبشر، ففيه خير رسالات النبيين السابقين، وفيه بيان الأحكام المحكمة التي لم يَعْرُها نسخ من الشرائع الإلهية كلها، وفيه المعجزات التي جاءت بها الرسل معجزة معجزة، ولولا القرآن الكريم ما علمت على درجة اليقين معجزة لنبي أو رسول، لأنه الكتاب المحفوظ المتواتر حقا وصدقا.
والوصف الثاني - أنه هدى، فهو يشتمل على الهداية، كما قال قائل الجن:
والوصف الثالث - أنه الرحمة، لأن شريعته رحمة للعالمين فهي بنظامها واقتصادها وحدودها، وكل عقوباتها رحمة للكافة من الأمة، وإن كانت فيها قسوة أحيانا على الآحاد، ففيها رحمة للعباد،