غُبن أو تغرير أو مماكسة أثر ذلك في صحة العقد مما أدى إلى كلام طويل بين الفقهاء في ذلك.
والعدل الذي يأمر اللَّه تعالى به ليس هو فقط الإنصاف بين الناس المأمور به في قوله تعالى:(. . . وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ. . .)، بل إن العدل له شعب ثلاث:
١ - العدل في حق اللَّه تعالى بشكر نعمته، والقيام بما أمر من فرائض، والانتهاء عما نهى من منهيات، فذلك عدل مع اللَّه؛ لأنه في جملته من شكر النعمة، وهو عدل لأنه قيام بالواجب نحو ما أعطى سبحانه وتعالى.
٢ - وعدل في ذات نفسه بأن يكون مستقيم النفس، لَا انحراف ولا تجانف، ولا ميل عن الطريق السوى.
٣ - وعدل مع الناس بأن يحب لهم ما يحب لنفسه، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " عامل الناس بما تحب أن يعاملوك "، وبأن ينتصف للناس من نفسه، ولا يلجئهم إلى الحاكم.
ثم أخيرًا إنصاف الناس إذا حكم.
وتعجبني كلمة قالها ابن العربي، فقد قال:" العدل بين العبد وربه إيثار حقه تعالى على حق نفسه، وتقديم رضاه على هواه، والاجتناب للزواجر والامتثال للأوامر، وأما العدل بينه وبين نفسه، فمنعها مما فيه هلاكها، قال اللَّه تعالى:
(. . . وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)، وعزوب الأطماع عن الاتباع، ولزوم القناعة في كل حال ومعنى، وأما العدل بينه وبين الخلق فبذل النصيحة وترك الخيانة فيما قَلَّ أو كثر، والإنصاف من نفسه لهم بكل وجه، ولا يكون منك إساءة إلى أحد بقول ولا فعل، ولا في سر ولا في علن، والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى، وأقل ذلك الإنصاف وترك الأذي ".