للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إيتاء ذي القربى:

وبعد ذلك نزلت الأوامر إلى الأسرة بربط آحادها، فقال تعالى: (وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) والقربى مؤنث أقرب، والمعنى إيتاء الأقربين ومعونتهم، وألا يضن عليهم بخير يقدمه لهم، وهو صلة الرحم التي أمر الإسلام بها، والإيتاء الإعطاء والأصل المال، ولكنه يشمل كل ما يكون خيرًا يسديه إليهم مالا أو معروفا.

والأسرة في الإسلام ليست مقصورة على الزوجين والفروع، بل هي الأسرة الممتدة الشاملة للأصول والفروع والحواشي من الإخوة والأخوات وأولادهم، والأعمام والعمات وأولادهم، والأخوال والخالات وأولادهم، وقد أوجبت الشريعة الإسلامية وجوب نفقة القريب على قريبه إذا عجز عن الكسب، ولم يكن ذا مال، ووضعت مقياسا دقيقا أساسه الغرم بالغنم فمن كان يرثه إذا مات، تجب عليه نفقته إذا عجز.

هذه هي التي أمر اللَّه تعالى بها، وعليها يقوم بناء المجتمع الصالح، وبعد ذلك نهى سبحانه عما يخرب ذلك المجتمع وينخر في عظام المجتمع الحمى، فقال تعالى: (وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْي).

نهى عن أمور ثلاثة هي أدوات الهدم في البناء الاجتماعي:

الأمر الأول - (الْفَحْشَاءِ)، وهي بمعنى الزيادة والإفراط فيها، وكل المعاصي فيها إفراط في الزيادة عن مقتضى الفطرة، ويقول البيضاوي في تفسير معنى (الْفَحْشَاءِ): هي الإفراط في متابعة القوي الشهوية كالزنى، فإنه أقبح أحوال الإنسان، ونقول إن الفحشاء تشمل كل متابعة للهوى الجامح الخارج عن حدود الاعتدال كشرب الخمر والقمار والزنى، ومجاوزة الحد في أي أمر من أمور الشهوة حسيا أو معنويا.

الأمر الثاني - (وَالْمُنكَرِ) هو ما تنكره العقول المستقيمة، ويخرج به المرء عن حد المعقول كقول الزور والبهتان، والإفراط في الاستهانة بحقوق غيره،

<<  <  ج: ص:  >  >>