ولقد أكد سبحانه بعثه - صلى الله عليه وسلم - فيهم بـ (اللام) وبـ (قد)، وقال:(جَاءَهُمْ)، أي بعث ابتداء فيهم، وتنكير (رَسُولٌ) للتعظيم، وإلى مكانته عند اللَّه، وعندهم لأمانته وعفته ولصدقه، ولكنهم بدل أن يعاجلوا بالإيمان عاجلوا بتكذيبه، فـ (الفاء) للترتيب والتعقيب، أي أن النتيجة جاءت على نقيض المقدمات؛ إذ أنه كان معروفا بالصدق والأمانة، فكان الواجب أن يبادروا بتصديقه، ولكنهم بادروا بتكذيبه، وعقب التكذيب أخذهم العذاب، إذ أخذوا في أسبابه، وهو التكذيب والصد عن سبيل اللَّه وإيذاء المؤمنين.
والعذاب هو عذاب الدنيا بالتقتيل فيهم وهزيمتهم، وذهاب سيطرتهم، وقيام الحق رغم أنوفهم، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فبالعذاب الأليم، وإلقائهم في الجحيم.
ثم قال تعالى:(وَهُمْ ظَالِمُونَ)، الواو للحال، أي والحال أنهم ظالمون، فالعذاب نزل بهم، وهم أحق به، فهو بما كسبوه من تكذيب الحق، وتجاوزوا حد التكذيب إلى الظلم إذ صدوا عن سبيل اللَّه وفتتوا المؤمنين في إيمانهم وعذبوهم، وحاولوا أن يردوهم عن دينهم فارتدوا خاسئين.