للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثانيهما: أن بعض الناس يذكرون الإسراء مع ما يقال الآن في الخروج إلى الفضاء والارتفاع إلى السماء وهذا تهجم على المعجزات، إن الارتفاع إلى الفضاء أو القمر أو المريخ بأسباب حسية مادية هي رافعة كروافع لأحمال لَا فرق بين صغيرها وكبيرها، أما معجزة الإسراء فهي انتقال من مكان إلى مكان في وقت كان الانتقال يستغرق أربعين يوما من غير سبب ظاهر، أو دفعة حسية بل بسبب آخر وهو قدرة اللَّه تعالى ولا شيء سوى قدرته ولا يوجد مثل هذا الآن ولا في أي زمان إلا أن يكون معجزة، فلا يستطيع ذلك أحد إلا اللَّه العلي القدير الحكيم العليم (١).


(١) الإسراء والمعراج: (من كتاب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - للإمام محمد أبو زهرة - الجزء الأول، ص ٥٩٦ - ٦١٠).
كان الإسراء في السنة التي كانت قبل الهجرة، وروى البيهقي عن ابن شهاب الزهري أنه كان في السنة التي قبل الهجرة، وروى الحاكم أن الإسراء كان قبل الهجرة بستة عشر شهرا.
واختلف على ذلك في الشهر الذي أسرى به فيه، فالسدي قال إنه في ذي القعدة، والزهري قال في ربيع الأول.
وروي عن جابر وابن عباس أنهما قالا: ولد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وفيه بعث، وفيه عرج إلى السماء، وفيه هاجر، وفيه مات.
وفى رواية أن الإسراء كان في ليلة السابعة والعشرين من شهر رجب، ويقول ابن كثير: " وقد اختاره الحافظ ابن سرور المقدسي، وقد أورد حديثا لَا يصح سنده، كما ذكرناه في فضائل شهر رجب، وأن الإسراء كان في ليلة السابعة والعشرين من رجب والله أعلم. ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان في أول ليلة جمعة من شهر رجب، وهي ليلة الرغائب التي أحدثت فيها الصلاة المشهورة، ولا أصل لذلك، واللَّه أعلم.
وقد جاء في نهاية الأرب أن الإسراء كان في ليلة السبت، ليلة سبع عشرة من رمضان، قبل الهجرة بثمانية عثر شهرا، وقد أُسرِي به - صلى الله عليه وسلم - وسنه إحدى وخمسون سنة وتسعة أشهر!! وننتهي من هذا إلى أن علماء السيرة النبوية مختلفون في تعيين اليوم الذي كان فيه الإسراء، ولكن الواقعة ثابتة. وقد اتفقوا على أنها كانت بعد ذهاب النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم إلى الطائف، وردهم له الرد المنكر، وأن كونها في ليلة السابع والعشرين من رجب ثبتت بخبر لم يصح سنده في نظر الحافظ المحدث ابن كثير، وقال من بعد ذكره: واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
وقد وجدنا الناس قبلوا ذلك التاريخ، أو تلقوه بالقبول، وما يتلقاه الناس بالقبول ليس لنا أن نرده، بل نقبله ولكن من غير قطع ومن غير جزم ويقين.
واتفقت الروايات أيضا على أن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة على الأقل، ويظهر أنها كانت في السنة التي قبل الهجرة في ثلثها الأول أو الأخير واللَّه سبحانه تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>