للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في بيت لا يؤنسه ولا يكرمه، ولا يعطيه محبة ورفقة نشأ عدوا للجماعة، وكان فيه ما يسمى عقدة النفس، أو مركب النقص، ولذا عني به الإسلام أبلغ عناية بنصوص القرآن الكريم مثل قوله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)، وقوله تعالى: (. . . وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ. . .)، وترى القرآن الكريم قد حث على المخالطة لأن المخالطة مع الإكرام تؤنسهم وتبعد عنهم الوحشة، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خير البيوت بيت يكرم فيه يتيم وشر البيوت بيت يقهر فيه يتيم " (١).

وإن اليتيم إن كان فقيرا كان في رحمة المجتمع بأمر اللَّه تعالى، ولقد قال تعالى: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧).

وإذا كان اليتيم ذا مال، تهافت عليه الطامعون، كما يتهافت الذباب على الطعام الحلو الذي لَا حامي له، فتعقد نفس اليتيم بما يحص به من طمع الناس، وأكلهم ماله أَكْلًا لَمًّا، ويحس كأنه في مذأبة لئام، ولأنه يناله الحرمان والقهر، وهو ذو مال، ولذا نهى اللَّه تعالى عن أخذ ماله ووجوب رعايته، والمحافظة عليه، ولذا قال تعالى: (وَلا تَقْرَبوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ونهى سبحانه عن القرب من ماله إلا بالتي هي أحسن، وذلك يتضمن ثلاثة أمور:

الأمر الأول: ألا يأكله أو ينهبه أو يأخذه بغير حق، وإنه لضعيف يسهل أخذ ماله من غير حسيب إلا اللَّه.

الأمر الثاني: أنه إذا قربه يقربه بالتي هي أحسن أي بالطريقة التي أحسن، وأدعى لحفظه، وذلك بالمحافظة عليها وإعطائها اليتامى في وقت قدرتهم على


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>