للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعبرة المرشدة إلى أحكام شرعية مصلحة للآحاد والأسر والجماعة والأقاليم، رابطة بين الإنسانية في مجتمعات إلى آيات مبينة للحقائق الإنسانية والطبائع في الجواب والكون والإنسان، وكان ذلك التصريف في هذا القرآن للناس من كل مثل، و (من) هنا بيانية، أي صرفنا لهم كل مثل، أي كل حال ذكرناها لتشاكلها مع الوجود الإنساني.

وكان حقا على الناس أن يؤمنوا به، ولكنهم لم يؤمنوا، ولذا قال سبحانه:

(فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) وموضع الاستثناء هنا أن الإباء دخل على في فيقدر هكذا: فأبى أن يكثر كل شيء (إِلَّا كُفُورًا)، أي إلا أن يكونوا كافرين كفورا لازمهم، وصار وصفا من أوصافهم ولا حول ولا قوة إلا باللَّه.

إن القرآن معجزة غير مزعجة ولا قارعة، ولكنها مخاطبة للعقل الذي يذعن الحقائق والقلوب المشرقة بنور الهداية ولذا طالب أهله بمعجزات قارعة، لَا لنقص في معجزة القرآن، بل لأنهم لَا يؤمنون ولأنهم ناقصون في مداركهم، ولذا قال سبحانه عنهم:

(وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (٩٣)

لم تصل أفهامهم إلى القرآن حتى يقتنعوا به معجزة، أو اقتنعوا به معجزة ولكنهم يمارون ويستمسكون بما هم عليه من جهل وضلال، ويتعللون بالرفض وهم في ذات أنفسهم غير رافضين، أخذوا يطلبون ما يحسبونه يعجز النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا عجز يعدل عن دعوته ويستريحون منه، ومن هذا الدين الجديد.

(وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>