للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمر الثاني - أن قوله تعالىْ (إِلَّا أَن يَشَاءَ) ذكر الفعل المستقبل دون الماضي للإشارة إلى أنه متعلق بالمستقبل، والمستقبل بيد اللَّه وحده وهو علام الغيوب فلا يعلم ما سيكون إنما يعلمه علام الغيوب.

وإن المؤمن يجب أن يكون ذاكرا للَّه دائما، لتستقيم حياته، ويستقيم أمره مع الناس ويكون مصدر نفع وخير لهم دائما، ولذا قال عز من قائل: (وَاذْكُرْ رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)، أي اجعل ذكر اللَّه تعالى ملء قلبك دائما، فلا تغفل عن ذكره، فإن بذكره تطمئن القلوب به، وتطب من أدوائها، ومن كان اللَّه تعالى في نفسه لا يغيب عنه لَا يضل ولا يشقى، وإذا غاب عنك أمر أو لم تتمكن من شيء فعسى أن يكون المغيب خيرا مما فات، وعسى أن المدخر له أغنى وأقنى؛ ولذا قال تعالى: (وَقلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا)، (الواو) عاطفة (قلْ) على (وَلا تَقُولَنَّ) فهو عطف الأمر على النهي، أي أنه نهاه سبحانه عن أن يعزم الأمر غدا، بل يعلقه على مشيئة اللَّه تعالى مفوضا إليه سبحانه راجيا الخير، متوقعا له، ويقوله في إرادته ورغبته.

واستثناؤه بالمشيئة رجاء أن يجعل اللَّه خيرا منه إذا فاته، فالأمور كلها بإرادته سبحانه ومشيئته العليا، ولن يكون شيء في الوجود إلا بمشيئته، فمعنى (وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي. . .) املأ نفسك رجاء بأن يحقق لك أمرا خيرا مما كنت اعتزمته من ناحيتين:

الناحية الأولى - أنه يكون أقرب منالا، وأسهل تحصيلا.

الناحية الثانية - أنه يكون خيرا رشدا وعاقبة، واللَّه تعالى عليم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>