للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويصح أن يكون الضمير في بعضهم يعود إلى الخلق على أساس أنه حاضر في العقل معنى المخلوقات، وقد ساق ذلك الرأي الزمخشري على أنه هو الظاهر المتبادر، وغيره هو غير الظاهر وغير المتبادر.

ويكون المعنى على أن الضمير يعود إلى الخلق أن اللَّه تعالى خلق الناس بغرائز قد تتعارض رغباتها، فيكون منهم المسيء ويكون المحسن وبتنازعون أو يتخالفون، أو يعتدى بعضهم على بعض حتى يكون يوم الفصل، ودعوة الجميع إلى الحشر.

وقوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ)، أي في الدنيا، حيث الاختبار، والتدافع بين الحق والباطل والخير والشر، والصلاح والفساد، وقوله: (يَمُوجُ فِي بَعْضٍ)، أي أن بعضهم يتدافع مع البعض تدافع الأمواج وهي مصطحبة فيتدافع الأخيار مع الأشرار تدافع الأمواج يدفع بعضها بعضا، وهي تعلو وتنخفض.

حتى يُدعوا جميعا إلى اللَّه تعالى، وعبر عن ذلك بقوله: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا)، أي ناديناهم كما ينادي القائد الجند فينفخ في الصور فيجمعهم جمعا، لَا يتخلف منهم أحد، وقد شبه في هذا إعادة الناس والبعث والنشور وخروجهم من فورهم من كل حدب ينسلون بالقائد، عندما ينفخ في البوق للجند، وفي هذا إشعار بأن البعث لَا يكون بأكثر من قول اللَّه تعالى: (. . . كُن فَيَكُونُ)، وقوله تعالى: (فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا) فيه أمران بيانيان:

الأمر الأول - أنه عبر بالماضي وهو للمستقبل، لتأكيد الوقوع.

الأمر الثاني - أنه ذكر المصدر لتأكيد أن البعث يعم الجميع، ولا يتخلف عنه أحد.

تعالى:

وإنه عقب البعث تكون القيامة وتكون الحقائق مرئية لهم بالعيان؛ ولذا قال:

(وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (١٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>