للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرك بالله تعالى سول لهم أيضا أن يحرموا على أنفسهم ما لم يحرم الله ونسبوا ذلك لله تعالى، وهذا تطاول على الله تعالى كتطاول الشرك؛ إذ يقولون على الله ما لَا يعلمون أنه قاله وحكمِ به، بظن آثم من عندهم، ولقد قال الله في جملة ما حرم: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣).

ونرى من هذا أن الشيطان يأمر بنقيض ما يأمر الله تعالى، وأن الشيطان يغري بالظنون الفاسدة التي لَا أصل لها، وإن من أقبح ما يقع فيه الإنسان أن يحل ويحرمِ وينسب إلى الله تعالى قوله كما قال تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١٧).

وإن إغواء الشيطان لَا حدود له فمخارفه مختلفة متكاثرة وصراط الله المستقيم واحد؛ ولذا يغري أتباعه باتباع الباطل بكل الطرق يغريهم بالإشراك هم وآباؤهم، ويغريهم بتحريم ما أحل الله هم وآباؤهم، ويظهره لهم كأنه الحق جليا بينا، ولقد قال تعالى في ذلك:

<<  <  ج: ص:  >  >>