للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحتاج في خلقه إلى وسائط وليسمع الناس بيان اللَّه تعالى أنه هين عليه، وأنه ليس بغريب من اللَّه تعالى، فقد خلق الإنسان ولم يك شيئا، وأن اللَّه تعالى غني عن الوسائط والأسباب، وشكرا لنعمة اللَّه في إجابة الدعاء فقد أجاب سبحانه مع ظهور ما يبعد الإجابة، ولكن ليس على اللَّه ببعيد.

وموضع البعد أنه شيخ فانٍ قد تصلبت عظامه وصار كالحطام الذي لَا تجري فيه الحياة، فقد بلغ من الكبر عتيا، وامرأته عاقر لم تنجب ولم يكن من شأن أمثالها في العادة أن تنجب، وقوله: (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)، أي بلغت من كبر السن حدا صرت فيه صلب العظام معروق اللحم، وقد قال الزمخشري في معنى كلمة (عتي) واشتقاقها: " أى بلغت عتيا وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام كالعود القاحل، ويقال: عتا العود من أجل الكبر والطعن في السن العالية، أو بلغت من مدارح الكبر ومراتبه ما يسمى عتيا " اهـ (١).

وأصل عتي عتوو. كسر ما قبل الواو الأولى فقلبت ثم اجتمعت الواو والياء وكانت إحداهما ساكنة فقلبت ياء وأدغمت الياء في الياء، وقرئت (عِتِيًّا) بكسر العين وبضمها (٢).

أجاب اللَّه تعالى زكريا بقوله:


(١) الكشاف للزمخشري: ٢/ ٥٠٣، والجساوة: الصلابة والخشونة. لسان العربَ جسا.
(٢) اختلف في (عتيا)، فحمزة والكسائي وحفص: بكسر العين، وقرأها الباقون بالضم. الشيخ محمود خليل الحصري - القراءات العشر من الشاطبية والدرة - الشمرلي. مختصرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>