للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صوتها. ثم قال الله تعالى: (فَأخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى) انتقال من الغيبة إلى المتكلم، ويحتمل أن يكون ضمير المتكلم لموسى، وهو بعيد؛ لأنه ضمير جماعة، وليس ضمير مفرد ويحتمل أن يكون لله تعالى وهو الواضح؛ لأن الله تعالى هو الذي يخرج النبات، وإن كان الزارع هو الذي يحرث، ويلقي البذور بعد الحرث، ويرجو الثمار من الربِّ، وكان الالتفات إلى المتكلم لأنه تحول القول من موسى إلى ربه الذي يتحدث عنه، والفعل ثابت له، فهو يخرج الحب والنوى وهو الذي أخرج كل شيء، وقوله تعالى: (فَأَخْرَجْنَا بهِ)، أي بالماء فهو الذي أمدها بالحياة، كما قال تعالى: (. . . وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلًّ شَيْءٍ حَيٍّ)، وقوله تعالى: (أَزْوَاجًا) يقول المفسرون: أي أصنافًا، وأرى أن أزواجا ليست من الازدواج بمعنى الأصناف، بل من الزوجية، أي أنه من كل نبات زوجان كما أن في الحيوان من كلٍّ روجين، ففي النبات زوجان ذكر وأنثى يجري التلاقح بينهما وإن كان ربما لَا نراه ولكن يجري بمقدار.

(مِن نَّباتٍ شَتَّى)، أي مختلف متنوع فهذا حب متراكب، وهذا في سنابل وهذا للإنسان وذاك للحيوان، وهذا نخيل باسق وهذا كروم، وهذه فاكهة ورمان، و (شَتَّى) جمع شتيت كمرضى جمع مريض، وهو على ما قلنا صفة للنبات.

بعد أن ذكر سبحانه أنه الذي أخرج كل شيء من الزرع في بلد الزرع، وأنه هو الذي أنزل الماء من السماء في بلد النيل، بعد ذلك ذكر نعمته المباشرة في هذا فقال عز من قائل:

<<  <  ج: ص:  >  >>