للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناس، وكان الثاني من أشرافهم لَا يقتل به بل يبحث عمن يكافئه وربما لَا يكافئه واحد، وذلك من العصبية الجاهلية، ومن نظام التفاوت الذي لَا يزال يسري بين الناس مقيتا، وإن كان مألوفا.

وبين القرآن حال المساواة في الوصف من حرية ورق، وذكورة وأنوثة، ولم يذكر إذا اختلف الوصف أو الجنس بأن قتل الحر العبد، والعبد الحر، والمرأة الرجل، والرجل المرأة، وذلك لأن النص سيق لإبطال العادة الجاهلية التي كانت تقتل غير القاتل، وتتعدى القاتل إلى قبيلة، وغير الشريف في زعمهم إذا كان هو القاتل إلى شرفائها، فرد الله تعالى زعمهم، وصحح الأمر في هذا المقام بالقصاص العادل.

أما التساوي في النفوس لَا في الأوصاف، فقد ثبت بقوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهِا أَن النَّفْسَ بالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوح قِصَاصٌ. .. )، (فَمَن جَاءَهُ مَوْعظَةٌ من رَّبّه فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ. . .).

وثبت أيضا بقوله تعالى بعد أن ذكر قصة ولدي آدم حين قتل قابيل أخاه هابيل لأنهما قدما قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، (قَالَ لأَقْتلَنَّكَ. . .)، إلى أن قال: (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَه. . .)، بعد هذه القصة التي تصور الاعتداء في أقبحِ صوره، قال الله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. . .).

وقد تقرر بذلك القصاص على أساس تساوي النفوس، وعلى ذلك يقتل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، والعبد بالحر، والحر بالعبد.

ولكن ترد هنا أسئلة من حيث شمول هذه الآية، والآيات التي تلونا للصور الآتية:

أولا: تكافؤ الدم بين المسلم والذمي، أيقتل المسلم بالكافر؟، قد اتفقوا على أن الكافر إذا قتل المسلم قتل به، ولكن كان الأكثرون على ألا يقتل المسلم بالكافر لما

<<  <  ج: ص:  >  >>