للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضمير في (قَبْلِهِ) يعود إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن المناقشة مع المشركين، فهو حاضر في الذهن، وإن لم يكن مذكورا باللفظ، ويصح أن يعود إلى القرآن؛ لأنه البينة المثبتة لكل ما في صحف إبراهيم ونوح وموسى وعيسى وغيرهم، والمعنى لو ثبت أنا أهلكناهم بكفرهم وضلالهم، وأنهم يعيثون في الأرض فسادا لقالوا: (رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا) يكون قولهم يوم القيامة ضارعا، إذ ينادون (رَبَّنَا) خالقنا والقائم على أمورنا وحياتنا: (لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا)، أي هلا أرسلت إلينا رسولا يرشدنا ويعلمنا، ويجنبنا طريق الباطل، ويهدينا إلى الطريق المستقيم (فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ) الفاء للسببية، أي بسبب الرسل نتبع آياتك البينات، والمراد الآيات الشرعية التكليفية، أو نتبع خاضعين لموجب ما تدل عليه آياتك في هذا الوجود كله: (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ) باتباع الباطل والهلاك (نَخْزَى) أي نصاب بالخزي والعار في الدنيا والآخرة.

وإن أمر الشرك وأهله لعجب؛ لأن الضلال إذا سيطر كان العجب، فإذا أرسل إليهم رسول جحدوا وعنتوا معه، وعاندوه ولم تعجبهم حجة لفرط إنكارهم لا لنقص في الدليل الذي قدم إليهم برهانا ساطعا، وإن لم يرسل وعذبوا، قالوا هلا أرسل إلينا رسول من قبل أن نذل ونخزي، إنه ليس لهم إلا أن يروا عاقبة جحودهم وعنادهم، ولذا قال عز من قائل:

<<  <  ج: ص:  >  >>