للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آية أخرى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى. . .)، وقال تعالى: (قُلْ مَا كنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ. . .).

فسنة الله تعالى أن يرسل رسله من البشر، ليأنس بهم المدعون، وليأتلفوا

معهم، ولأن الملك لَا يمكن أن يخاطب البشر إلا إذا صار كالرجل كما قال تعالى:

(وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ). وقد نبههم سبحانه إلى أن تلك سنة الله تعالى فيمن يبعثهم، وبين أيديهم ما يعلمون فيه سنة الله في رسله، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام وإسماعيل ابنه كانا من الأنبياء، وإبراهيم عزهم ومناط فخرهم حيث كان رسولا من أولي العزم من الرسل - كان من الرجال ولم يكن من الملائكة، وبنى البيت الحرام الذي كان حرما آمنا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ، بناه بقوته البشرية لَا بالروح الملكية. ومع ذلك طلب الله تعالى أن يسألوا من يشايعونهم من اليهود الذين كانوا يناوئون الإسلام كما يناوئونه هم، ويؤذون النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يؤذيه المشركون على سواء ولقد قال تعالى: (. . . وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا. . .)، فقال سبحانه: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) " الفاء " واقعة في جواب شرط محذوف دل عليه ما بعده، وأهل الذكر هم أهل العلم بالرسالات، وأهل العلم هم كل من عنده علم بالرسالات الإلهية والرسل المهديين. وفي هذا النص رميٌ لهم بالجهل، وأن الذين يدَّعون العلم بأنه لَا رسول إلا من الملائكة غير عالمين، ومفسدون، وفي هذا إذلال لهم، ورميٌ لهم بالجهل المطبق، مع الإرشاد إلى الحق والاحتجاج بعلم أهل الكتاب الذين يناوئون النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلهم.

ثم قال تعالى مؤكدا معنى الآية السابقة:

<<  <  ج: ص:  >  >>