للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصرح بأنه وهب لإبراهيم إسحاق، ومن ورائه يعقوب، وجعلهما معا مع أن إسحاق أب ويعقوب ابنه، لأنهما كانا نبيين، وأن نبوتهما هبة الله، وتوالت النبوة والدعوة إلى هدم الأوثان ابنا عن أب عن جد؛ ليقتلعوا عبادة الأوثان من الرءوس التي استمكنت فيها، والنافلة ولد الولد، و (نَافِلَةً) وصف ليعقوب لأنه ولد ولده، أي وهبناه لك هبة زائدة فوق الولد؛ لأن إبراهيم دعا ربه، وقال: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ).

وهكذا نرى أن الله تعالى أراد لإبراهيم أن تتوارث فيه الدعوة إلى هدم الأوثان، لتذهب روعتها الكاذبة من نفوس الناس، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - من بعده قاوم الوثنية وحده، ولم يكن أحد من ذريته من قاومها، ولكن كان من أصحابه والتابعين من قاومها، حتى روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " (١) وقال تعالى: (وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ) التنوين قائم مقام المضاف إليه، أي كل واحد من الجد وابنه وحفيده جعلناه من الصالحين، أي المستقيمين في طريقهم إلى الحق، وذكر أنهم صالحون مع أنهم من المصلحين في طريق الحق والهداية إليه، وذلك لأن الصالح في ذات الحق لابد أن يكون مصلحا، لأنه لَا يتم الصلاح إلا إذا جعلنا مصلحا هاديا مرشدا داعيا إلى الحق، وإلى صراط مستقيم؛ ولذا قال تعالى:


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>