للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنَا) أي وجعلنا إبراهيم وذريته أئمة أي رؤساء يوجهون ويرشدون، ويقتدى بهم، ويكونون قوة للخير والهداية (يَهْدُونَ بِأمْرِنَا)، أي يدعون بدعاية الله، وإضافة الهداية إلى أمر الله للإشارة إلى طاعتهم أولا، ولبيان صواب ما يدعون إليه وأنه الحق لَا ريب فيه (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ) أي ألهمنا نفوسهم وقلوبهم فعل الخيرات وهديناهم إليها، بما أوحينا به لرسلهم الذين جاءوا رسولا بعد رسول، كما قال تعالى: (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا. . .)، أي رسولا بعد رسول، وكل أولئك في ذرية إبراهيم عليه السلام والخيرات جمع خير، وهو كل ما فيه نفع للناس، ويقصد به فعله لنفعه للناس، ولإرضاء الله تعالى ثم قال سبحانه: (وَإِقَامَ الصَّلاةِ) أي أداءها على وجه أكمل من خضوع وخشوع، واستحضار لذات الله كأنهم يرونه، وإذا لم يروه يحسون بأنهم في حضرته يرجون رحمته ويخافون عذابه ويطلبون محبته ورضوانه، (وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ) ليكون المجتمع كله متعاونا بارا يبر بعضه بعضا (وَكانوا لَنَا عَابِدِينَ) أي كانوا في كل أحوالهم وأعمالهم عابدين لله تعالى، وكل عمل فيه عبادة إذا قصد بإتقانه إرضاء الله وحده ومحبته سبحانه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشيء لا يحبه إلا لله " (١).

وفى قوله تعالى: (وَكانُوا لَنَا عَابِدِينَ) تقديم الجار والمجرور، وهذا يفيد الاختصاص أي لنا وحدنا لَا يشركون بي شيئا، والجملة تدل على استمرار العبادة أولا، لوجود " كان " الدالة على الاستمرار، وثانيا الوصف (عَابِدِينَ) أي مستمرين حتى تصير العبادة وصفا لهم فهم في عبادة مستمرة آناء الليل وأطراف النهار.

بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى إشارات بينة إلى إبراهيم وبنيه، ويعقوب وذريته عاد إلى لوط بعد نجاته فقال:


(١) سبق تخريج ما في معناه من أحاديث.
(وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (٧٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>