للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (٤٣) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤).

إن أخبار أيوب عليه السلام تفيد أن كل الناس نفروا منه حتى أهله، وذلك أشد على النفس من وقع الحسام المهنَّد، فكان ألم مرضه مع ألم فراق الأحبة؛ ولذا قال سبحانه في منته على أيوب (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ) أي أعطيناه أهله الذين نفروا وكان عودتهم عطاء من الله غير مجذوذ، وجاء معهم مثلهم من محبين وموادين، أي أقبل عليه الناس بعد طول نفور، وذلك (رَحْمَةَ مِّنَّا)، وأضافها سبحانه إلى ذاته العلية، فهي رحمة تليق بذاته الكريمة وهو الرحمن الرحيم (وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين) أي تذكيرا دائما للعابدين، بأن الله معهم دائما وإنه معهم لَا يتركهم أبدا، يثيبهم في البلاء، ويرفع عنهم، " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان ذلك خيرا، وإن أصابته ضراء صبر فكان ذلك خيرا " (١)، كما روى الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذه تذكرة لَا يدركها إلا العابدون الذين ذاقوا حلاوة العبادة ولو في أشد الضرر.


(١) رواه أحمد ومسلم، وقد سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>