للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣).

هذا ما أُحل وهذا ما استُثني من الحلال، وذكرت بهائم الأنعام وإحلالها في هذا المقام لمناسبة الهدْي ووجوبه والأكل منه، وإن المشركين كما أشرنا أحلوا ما حرم اللَّه فأكلوا ما أهلّ به لغير اللَّه من أوثانهم، وحرموا ما أحل اللَّه تعالى في تحريم السائبة والوصيلة والحام، ونسبوا التحريم إلى اللَّه تعالى، وذلك زور في القول، والإهلال لغير اللَّه والذبح على النصب والاستقسام بالأزلام، كل ذلك من الوثنية أو الكذب على اللَّه تعالى؛ ولذلك جاء من بعد النهي عن الوثنية وقول الزور، فقال عز من قائل: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).

(الرِّجْسَ) هو الشيء القذر، والقذارة هنا معنوية وليست حسية؛ لأن النفس والعقل يقذران بتقديس الأحجار وعبادتها؛ لأنها تنزيل للفكر، وضلال في العقل، وافتئات على اللَّه جل جلاله، والأوثان جمع وثن، وهو ما يعبد من تماثيل، وأصله من وثن الشيء أي أقامه في مقامه، فسمي الوثن كذلك؛ لأنه يركز في مقامه، وهو بطبعه جماد لَا يتحرك إلا بمحرك، و (مِنَ) في قوله تعالى: (مِنَ الأَوْثَانِ) بيانية، أي اجتنبوا الرجس، وهو الأوثان، ففي الكلام بيان بعد إبهام وهو يمكن المعنى في النفس، واجتنبوا معناها ابتعدوا كل الابتعاد، وهو أبلغ في النهي، وكان النهي عن الأوثان في هذا المقام؛ لأن اللَّه أحل بهيمة الأنعام، إلا الميتة وما يشبهها، وما أهل لغير اللَّه به، وقد استباحوا ما أهل به للأصنام وما ذبح على النصب، واستقسموا بالأزلام، فلا حج لمن كان كذلك، ولا خير له في حجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>