ولأن الترف من غير إيمان يجعل النفس مائعة غير جادة إلا فيما يعني جمع المال؛ ولأن كثرة المادة تمنع إدراك معاني الإيمان لأن المادة تستغرق الإدراك، وأساس الإيمان هو الإيمان بالغيب، وبما وراء الحس، ولا يكون ذلك إلا بقلب مملوء بالرحمة والمعاني الإنسانية السامية.
ومع هذه الأوصاف نجد سبب إنكارهم أنه بشر مثلهم، فيقولون في تكذيبهم:
(مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) فهم أولا يحكمون بالمثلية لهم، وفي ذلك إشعار بأنهم ينفسون عليه مكانته من النبوة دونهم، وأن ذلك يومئ بحقدهم عليه، وحسدهم له على ما آتاه اللَّه تعالى من فضله، ووضحوا هذه المثلية بقوله تعالى عنهم:(يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) فأقيستهم مادية صرفة، ولا يؤمنون بمعنى من المعاني العالية، ولقد قرروا خسرانهم إن أطاعوا بشرًا مثلهم، فقال تعالى حاكيا عنهم: