للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النساء شرطها عدم التوبة في وقتها، وبذلك قال الحنابلة والظاهرية ورواية عن الشافعي رضي الله عنه.

ومن أخطاء بعض المفسرين الواضحة تفسيرهم " اللاتي يأتين الفاحشة " بأنها السحاق، فإن البقاء في البيوت تمكين لها، ولا الفاحشة في الآية الثانية باللواط، فإن ذلك ينفر منه الذوق السليم، والفاحشة تكاد تكون محصورة في الزنى، وقد قيل: إن ثمة آية تقول (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة) ونسخت تلاوة، ولم تنسخ حكما، وهذه رواية بطريق الآحاد، وإن ادعيت شهرة الخبر (١).

وقد يقول قائل: إن الرجم أقسى عقوبة في الأرض فكيف يثبت ما دونها بالقرآن القطعي بدلالته وسنده، ولا تثبت تلك العقوبة الغليظة إلا بحديث آحاد، وإن ادعيت شهرته، والاعتراض وارد، ولا سبيل لدفع إيراده.

ولقد سأل بعض التابعين الصحابة أكان رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - لماعز والغامدية قبل نزول آية النور أم بعدها؛ فقال: لَا أدري لعله قبلها، ونحن لَا نتهجم بالنسخ، ولو كان نسخ السنة، فلسنا ندَّعي نسخها بالآية الكريمة، ولم يبين أنها نسخته ولا نسمح بنسخ السنة بمجرد الاحتمال، ولا بمجرد التعارض، ولكن يبقى بين أيدينا أن العقوبات كلها مذكورة في القرآن إلا هذه مع أنها أقسى عقوبة، وإذا كان ثمة احتمال النسخ، فهو احتمال ناشئ من دليل وليس احتمالا مجردا أقسى من أشد عقوبات إلا الآية التي فيها محاربة الله ورسوله، وهو القتل والصلب، فإن الرجم: الرمي بالحجارة حتى يموت فهو عذاب حتى الموت، والصلب أهون لأنه بعد الموت حيث لَا يكون إحساس، ولا يضر الشاة سلخها بعد موتها، كما قالت ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها، ولعن الله من آذاها في نفسها وفي أبيها وآذي الكعبة معها.


(١) رواه ابن ماجه: الحدود - الرجم (٢٥٣٤) عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وأحمد: مسند الأنصار - حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب (٢٠٢٦١)، في مسند الأنصار - حديث زيد بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢٠٦١٣). وراجع البخاري: الحدود (٦٣٢٧)، ٦٣٢٨)، الاعتصام بالكتاب والسنة (٦٧٧٨)، ومسلم: الحدود (٣٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>