للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمر الثاني: أنه لَا يصح المبادرة إلى الكلام، بل يُكفُّ، ويلزم الصمت إذا لم يكن هؤلاء الأربعة من الشهداء، وإلا حق عليه الحد للافتراء، أو كما يعبر الفقهاء حد الفرية، وهو حد القذف، ولذا قال تعالى:

(فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) الفاء الأولى فاء الإفصاح أو عاطفة، والفاء الثانية هي الواقعة في جواب الشرط، والإشارة إلى الذين يرمون من غير بينة، وهذه الإشارة تفيد أن هذه الحال سبب للحكم عليهم بالكذب الملازم الثابت فيهم الذي يمنع أن يقبل منهم قول بعد ذلك، وهم الذين يحدون حد القذف كما بينا، ولا تقبل لهم شهادة أبدا؛ لأن وصف الكذب ملازم لهم، ولا تقبل شهادة كاذب، ويعاقب عقوبة المفترين المبعدين، والتبعية، والأدبية، وهي الحكم عليه بالفسق.

والتعدية بـ " على " في قوله تعالى: (لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) معناها إثبات الإفك إذ الضمير يعود عليه، وإثبات الإفك المراد موضوعه، وهو رمى المحصنة الكريمة بنت الكريم وزوج الكريم، وفي ذلك إشارة إلى أنه غير ممكن، فـ " لَوْلَا " تدل مع التحضيض على الاستبعاد، بل الاستحالة لمقام موضوع الافتراء.

وقد بين سبحانه عظم الإثم وضرره في الجماعة المسلمة، فقال عز من قائل:

<<  <  ج: ص:  >  >>