للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما رحمته فهي أنه سبحانه وتعالى لم يأخذهم بأمر عارض، بل غفر لهم، وأي رحمة أعظم من غفران لعمل كان منهم بجهالة، ثم تابوا من قريب، كما قال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ. . .).

وجواب الشرط (لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) و " مَسَّ " معناها أصاب جلودكم كما يمس الحديد المحمى الجسم الحي فيؤلمه. وفي كلمة (أَفَضْتُمْ فِيهِ) " أفاض " أصلها من فاض الإناء حتى سال، ومعنى (أَفَضْتُمْ) فيه مجاز بالاستعارة، إذ شبه حديثهم الذي خاضوا فيه غير محترسين ولا مفكرين، بالماء الذي يسيل، فلا يضبط، وكأن الحديث يسيل سيلا زائدا عن حده، وبغير غاية.

وقوله تعالى: (عَذَابٌ عَظِيمٌ) التنكير فيه للتعظيم، أي عذاب لَا تدركونه اليوم، وسترونه، ثم صور حالهم في عدم تفكيرهم فقال سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>