للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)، أما عذاب الدنيا فهو العقاب الصارم وهو الحد، والحد كما قلنا يتضمن ثلاثة أنواع لَا يكفَّر إلا آخرها، وهي الجلد ثمانين جلدة، والثاني: ألا تقبل لهم شهادة أبدا، والثالث: الحكم عليهم بأنهم فاسقون، وهذا ما تكفره التوبة.

وأما عذاب الآخرة فإن الله تعالى اختصه بعلمه، حتى نراه يوم القيامة عيانا، ولا نعلم منه إلا ما أراد الله بيانه في القرآن الكريم من عذاب الكافرين، ثم قال تعالى مؤكدا العواقب الوخيمة من رمي البريئات والبرآء (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمونَ) الله وحده يعلم صحة الاتهام إن كان صحيحا، ومواضع التهمة، ويعلم أثر ذلك في الجماعات من إشاعة الفساد، وانحلال الرابطة الاجتماعية، وإشاعة الأقوال الباطلة (وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) أسرار البيوت ودخائلها، فإن ذلك في كِن مستور، ومن المصلحة ستره، روى أبو الدرداء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أيما رجل حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى لم يزل في سخط الله تعالى حتى ينزع، وأيما رجل شد غضبا على مسلم في خصومة لَا علم له بها فقد عاند الله حقه وحرص على سخطه، وعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة، وأيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمة وهو منها بريء يشينه بها في الدنيا كان حقا على الله تعالى أن يدنيه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاذ ما قال " (١)، وإن هذا الحديث كما روي، جامع لآفات اللسان التي ترمي في نار جهنم. ثم يبين سبحانه أن هذه الآفات تكب الناس على وجوههم في جهنم لولا فضل الله. وأشنعها حديث الإفك. فقال تعالى:


(١) رواه الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وراجع الترغيب والترهيب للمنذرى (٣٣٩٩): ٣/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>