للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبحانه وتعالى وصفين لذاته العلية يؤكدان أنه لَا يعتمد إلا عليه: الأول - أنه الحي الكامل الموجود. الثاني أنه سبحانه لَا يموت فهو الباقي، ومن يعتمد على من يموت لَا يكون له معتمد بعد موته، أما من يعتمد على الباقي فمعتمده باقٍ لا يفنى.

وبعد أن أمر سبحانه بالتوكل عليه وحده أمر بالتسبيح، وهو التنزيه بوصفه بصفات الكمال المطلق من قدرة وإرادة ووحدانية وغيرها من الصفات التي لا يشبهه فيها أحد من خلقه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، العلي الكبير.

وقوله تعالى: (بِحَمْدِهِ)، أي مصاحبا بالحمد بالثناء عليه بما هو أهله، فكان الأمر بالتنزيه، وأمرنا بالثناء عليه سبحانه بما أنعم، وشكره على ما أجزل من عطاء غير مجذوذ.

(وَكَفَى بِهِ)، أي الكفاية به سبحانه وتعالى وحده، والباء لتأكيد معنى الكفاية والاعتماد على ذاته وحده، ومن توكل عليه لَا يحتاج إلى غيره ولا يغني غناءه أحد من خلقه، وقوله تعالى: (بِذُنوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا) بذنوب، جار ومجرور متعلق بقوله تعالى: (خَبِيرًا)، والخبير هو ذو العلم الدقيق الذي لَا يعلمه غيره، وقدم الجار والمجرور (بِذُنُوبِ) على متعلقه لبيان الاهتمام بالعلم بهذه الذنوب، وأنهم مجزيون بها، فإذا كانوا قد عاندوا وضلوا وصدوا عن سبيل اللَّه تعالى فإنهم مأخوذون بذنوبهم، وخبيرا - حال من ضمير به، ومؤدى القول الكريم، وكفى به خبيرا بذنوبهم، وهي خبرة وراءها جزاؤهم عليها، وهذا تهديد شديد، وإنذار بليغ.

وذكر سبحانه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، فقال عز من قائل:

<<  <  ج: ص:  >  >>