للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأصل في النفوس الصيانة، وألا يعتدى عليها، ويحفظ أمنها، وأنه لَا تستباح الأنفس، إلا بحق كما قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. . .).

والأمر الثالث الذي نفاه اللَّه تعالى عن عباد الرحمن الاعتداء على النسل بالزنى، ولذا قال تعالى: (وَلا يَزْنُونَ)؛ لأن إشاعة الزنى تضيع النسل، ولا تجعل الناس في أمن ودعة، وتضعف الوحدة الإنسانية، ويكون الناس في تناحر، وتنزل بالقيمة الإنسانية إلى دركة الحيوانية، ولقد قال محمد - صلى الله عليه وسلم -: " وما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة في رحم امرأة لَا تحل له ".

وقال - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله ينهاك أن تعبد المخلوق، وتدع الخالق، وينهاك أن تقتل ولدك وتغذو كلبك، وينهاك أن تزني بحليلة جارك ".

وقد ذكر سبحانه وتعالى عقاب هذه المآثم التي هي أمهات الرذائل فقال: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) الآثام جزاء الإثم وزيادة المبني تدل على زيادة المعنى، أي أنه جزاء من نوع ما ارتكب، ولكنه جزاء كبير، وإطلاق الآثام بمعنى جزاء الإثم، وارد في اللغة العربية، فقد جاء في الكشاف هذا البيت من الشعر:

جزى الله ابن عروة حيث أمسى ... عقوقا والعقوق له أثام

وإن هذا الأثام شديد، حتى إنه ليحسب أنه مضاعف الإثم ليس مثله، ولذا قال تعالى في بيان هذا الأثام وتوضيحه:

<<  <  ج: ص:  >  >>